قراءة نقدية لنص “أرجوحة الحلم” للشاعرة فاطمة عبدالله - السويد/ بقلم فراس الوائلي - أمريكا
- firasalwailypoems
- 2 مارس
- 3 دقائق قراءة

قراءة نقدية لنص “أرجوحة الحلم” للشاعرة فاطمة عبدالله - السويد
بقلم فراس الوائلي - أمريكا
المقدمة: بين التجربة اللغوية والتحولات السردية
ينتمي نص “أرجوحة الحلم” إلى نوعية النصوص التي تتجاوز البنية التقليدية للسرد، حيث لا تقتصر وظيفته على تقديم تجربة مقروءة، بل يسعى إلى خلق فضاء متغير من المعاني، تتحول فيه اللغة إلى عنصر ديناميكي يعيد تشكيل وعي القارئ. يقوم النص على مفهوم الانسياب بين الحلم والواقع، حيث يصبح الحد الفاصل بينهما غامضًا، مما يمنح القارئ تجربة غير ثابتة تتغير وفق مستويات القراءة والتلقي.
يبرز في هذا النص توجه نحو تكثيف الإيحاءات الرمزية، حيث تمتزج الصور الحسية بالمجازات المتداخلة، ما يفتح المجال لتأويلات متعددة لا تتوقف عند مستوى دلالي واحد. وهو بذلك يتحول إلى نسيج لغوي متشابك، حيث تصبح كل جملة نقطة تداخل بين مستويات المعنى، مما يمنح النص بعدًا تأويليًا عميقًا.
البنية السردية وتحولات الزمن في النص
يتحرك السرد داخل النص بأسلوب غير خطي، حيث لا يتم تقديم الأحداث وفق تسلسل زمني تقليدي، بل يعمل الزمن بوصفه عنصرًا مرنًا، يتخذ طابعًا متقطعًا ومتداخلاً. يظهر ذلك في توظيف المشاهد التي لا تتبع ترتيبًا منطقيًا، بل تتشكل عبر تدفق متتابع من الصور التي تعكس حالة من الانسياب بين الماضي والحاضر، وبين الحلم واليقظة.
يتميز النص بلغة مشحونة بالإيحاءات، حيث يعتمد على تركيب جمل يعزز التداخل بين الواقع والمتخيل، ما يجعل القارئ في حالة من التأرجح المستمر بين الفهم الحسي المباشر، والتأويل الرمزي المفتوح.
الصورة الشعرية وأثرها في تشكيل المعنى
يعتمد النص بشكل ملحوظ على الصورة الشعرية، حيث لا تُستخدم اللغة فقط كوسيلة سردية، بل كأداة لإنتاج دلالات مركبة تتجاوز البنية الخطابية العادية. يظهر ذلك من خلال الوصف الذي يتحول إلى مشهد بصري متحرك، يتجاوز إطار اللغة ليحاكي تجربة حسية تتطلب من القارئ المشاركة الفعالة في استكشاف أبعادها.
تسهم الصور الشعرية في النص في خلق حالة من التماهي بين المشهد والوصف، مما يجعل اللغة عنصرًا موجهًا للإدراك الحسي، وليست مجرد وسيلة لنقل الأحداث أو التعبير عن الأفكار. وهو بذلك يعزز من البعد الجمالي للنص، حيث تتحول الكلمات إلى أداة لصياغة تجربة شعورية تتجاوز المفهوم التقليدي للسرد.
التفاعل بين القارئ والنص – تجربة قرائية متغيرة
يتميز النص بقدرته على جعل القارئ جزءًا من التجربة السردية، حيث لا يقتصر دوره على التلقي السلبي، بل يصبح شريكًا في إعادة إنتاج المعنى وفقًا لزاوية قراءته ومستوى وعيه. يعتمد النص على أسلوب يتيح إمكانية القراءة المتعددة، حيث تتغير الدلالات وفق تفاعل القارئ مع النصوص الداخلية التي يحتويها.
يبدو أن الشاعرة تسعى من خلال هذا الأسلوب إلى خلق حالة من الانفتاح الدلالي، حيث لا يتم تقديم المعاني بشكل مباشر، بل تُترك مساحات فارغة بين الكلمات، تجعل القارئ في حالة من البحث المستمر عن الروابط التي تجمع بين عناصر النص المختلفة.
الخاتمة: النص كنقطة عبور نحو تجربة لغوية متجددة
لا يمكن التعامل مع “أرجوحة الحلم” كنص ثابت يمكن تحليله وفق معايير نقدية تقليدية، بل هو نص متحوّل، يعمل وفق بنية ديناميكية تتغير مع كل قراءة. يتميز بتوظيفه للزمن بأسلوب غير خطي، وبتقديمه للغة كأداة لإنتاج دلالات حسية وشعرية معقدة، مما يجعله نصًا يتطلب قراءة تأملية تتجاوز حدود السرد التقليدي.
من خلال هذا التوظيف المرن للغة، يخلق النص تجربة قرائية جديدة، حيث لا يعود القارئ مجرد مستهلك للمعنى، بل يصبح جزءًا من عملية تكوينه وإعادة تشكيله، مما يجعل “أرجوحة الحلم” نموذجًا للنصوص التي تتحدى القوالب الجاهزة، وتفتح المجال أمام احتمالات لا نهائية من التأويل والتجربة اللغوية المتجددة.
النص
أرجوحة الحلم
تطوفين بربيعك كطفلة تلتفين حول أشجار الكستناء، تصنعين أكاليل الحياة بأنامل صغيرة، وتبحثين بين الرسائل المبعثرة عن عنوان لحياة تنبض بصمت بين أغصان اللوز. كأنكِ تفتشين عن سرٕ مخبوء في ظلال الكلمات، عن لحظة يصفو فيها المعنى ويكتمل النقصان.حين تنصبين أرجوحة العمر، ينساب نسيم العشق بين خصلات شعرك، يداعب وجه القمر، فتتماهى الأحلام مع الليل كطيف عابر بين يقظة وسُبات. كم رسمتِ أمنياتٍ عالقة بين "متى" و"كيف"، تترقبين بزوغ الحقيقة كفجرٍ خجول، حيث يشرق الأمل في الأفق كبيارق النجمات التي لا تعرفين لها موعداً ولا مستقراً.غرّدي كعصفورة الربيع، ابسطي جناحيكِ، فالفضاء ملك لكِ، حيث الحلم والتيه، حيث عالمكِ الأفلاطوني الذي يستحق منكِ لحظة من روحك، ولو كانت عابرة كوميض نجم في ليل حالك.
فاطمة عبدالله
~فراس الوائلي
ميشيغان
Comments