top of page

كفوف الندى

  • صورة الكاتب: Firas Alwaily
    Firas Alwaily
  • 8 مارس
  • 1 دقائق قراءة

سأرحل... لا كما يرحل الغائبون، بل كما ينطفئ الكون في عين اللهفة،كما ينهار الوقتُ في مجرّات الصمت،كما تسقط النجومُ دون أثر،سأترك خلفي فراغًا لا يملؤه إلا الصدى الذي لم يُنطق بعد.

وستبكين…لا كما يبكي العشّاق، بل كما ينشقّ البحر حين يبحث عن ضفته،كما تتهاوى الأبراج في مدائن المنسيين،كما يذوب الثلج في قبضة الشمس،دون أن يدرك أحدٌ متى اختفى.

سيلقي الدمعُ ظله على الزمن،وستتدحرج قطراته كالكواكب الهاربة،تبحث عن مدارٍ ولم تجد،وتغسل الحزن الذي لا يُغسل.

سأكتبُ قصيدة الوداع…لا بالحبر، بل بدمع الفجر حين يجرح الأفق،على كفوف الندى، حيث تذوب الكلمات قبل أن تُقال،وحيث الحروف تحترق قبل أن تُولد،سأخطّها بالضوء… ثم أنفخها في العدم.

لن يكون للفجر لونٌ بعدي،سينزف الزمن آخر نبضة له،وستحاول الشمس أن تنهض، لكنها ستجد نفسها مصلوبة عند شرفات الأفق،تبحث عن ظلها… في صفحة الماء… ولا تجده.

على مذبح القمر، سأترك صوتي الأخير،سيصعد، لا كنداء، بل كشهقة الأرض حين تنسى اسمها،لا كحزن، بل كارتجافة الفراغ حين يعي أنه بلا معنى،لن يكون موتًا… بل تفكيكًا لكل حدود الممكن،لن يكون فناءً… بل انفتاحًا على غياب لا ينتهي.

لن أعود… لكنني لن أغيب.سأكون شرخًا في الضوء،همسةً غير مرئية في عروق الزمن،سأكون الصوت الذي ينادي ولا يُسمع،السؤال الذي يُطرح دون إجابة،الغائب الذي يصير ظلًا لكل شيء حيّ.

وحين يسألون عني… لا تجيبي،ارفعي رأسكِ نحو الأفق،دعيهم ينظرون إلى الفراغ،علّهم يدركون أخيرًا…أن الراحل لم يكن شخصًا، بل كونًا بأكمله اختفى في لحظة.


~فراس الوائلي

 
 
 

Comments


bottom of page